النجف اليوم/
كتبت/ ضحى مهند الحمداني………..
أقر البرلمان العراقي مشروع قانون الموازنة العامة الإتحادية لسنة 2021م بعد جدل طويل ومرحلة من الخلافات السياسية وتأجيل متكرر لجلسات مجلس النواب, وقد صادق عليه رئيس الجمهورية, وسنوضح هنا قراءة موجزة لأهم ما جاء فيه.
قدرت (المادة (1)/أولاً-أ) ايرادات الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق بمبلغ مقداره (101,320,141,984) الف دينار عراقي, واحتسبت الموازنة سعر برميل النفط الخام بـ(45) دولار للبرميل الواحد, وبمعدل تصدير قدره (3,250,000) بضمنها (250,000) برميل يومياً عن كميات النفط الخام المنتج في إقليم كردستان, وعلى أساس سعر صرف (1450) دينار لكل دولار وهذا ما وضحته (المادة(1)/أولاً-ب), فقد بلغت الايرادات النفطية (81,171,112,500) الف دينار عراقي أَيّ بنسبة (80,11%) في حين بلغت الإيرادات غير النفطية (20,149,029,484) الف دينار عراقي أَيَّ بنسبة (19,88%), ونلحظ من ذلك الأعتماد الكبير على أسعار بيع النفط كما في السنوات السابقة على الرغم من تخفيضه بنسبة ضيلة, فضلاً عن خفض قيمة سعر برميل النفط من (56) دولار للبرميل الواحد في موازنة 2019م الى (45) دولار في هذه الموازنة ويرجع السبب في ذلك الى التقلبات في اسعار النفط في السوق العالمية, إذ أنه على الرغم من أن اسعار النفط بدأت في التعافي والإرتفاع الى أكثر من 60 دولار للبرميل الواحد أَلاَّ أن الأسعار لا تزال غير مستقرة ومتذبذبة ولاسيما بعد الازمة الاقتصادية الكبيرة التي خلفتها جائحة كورونا, كما نلحظ حسم موضوعة سعر الصرف في الموازنة برفع قيمته عما جاء في موازنة 2019م والتي كان سعر صرف الدولار فيها (1182) دينار لكل دولار.
في حين تم تخصيص مبلغ مقداره (129,993,009,291) الف دينار للنفقات في الموازنة العامة الاتحادية, ويصرف منها (90,784,147,584) الف دينار للنفقات التشغيلية أَيَّ بنسبة (69,83%) والتي تشمل المديونية المتمثلة بأقساط الدين الداخلي والخارجي ونفقات الوزارات والدوائر الخدمية, والبرامج الخاصة وهذا ما جاء في (المادة (2)/أولاً/1) من هذا القانون, على حين جاء في (المادة(2)/أولاً/2) بتخصيص مبلغ (29,608,861,707) الف دينار للنفقات الرأسمالية المتمثلة بالمشاريع الإستثمارية المحلية أَيَّ بنسبة (22,77%), والمشاريع الاستثمارية الممولة من القروض الأجنبية, والمشاريع الاستثمارية الممولة من قبل المصارف العراقية.
وخصصت (المادة (2)/أولاً/4/ج) مبلغ مقداره (150) مليار دينار عراقي أَيَّ بنسبة (0,11%) لإحتياطي الطوارئ , على حين خصصت (المادة (2)/أولاً/4/د) مبلغ مقداره (4) ترليون دينار عراقي أَيَّ بنسبة (3,07%) لإعادة الإعمار والتنمية في المحافظات كافة على أن يتولى المحافظ حصراً تنفيذ خطة الإعمار المقرة, واشترطت (المادة(2)/أولاً/6) عدم إدراج أي مشروع استثماري الا بعد موافقة وزارة التخطيط ما عدا المشاريع الاستراتيجية التي تحدد وفقاً لصلاحيات مجلس الوزراء, على ان تلتزم وزارة المالية بتخصيص المبالغ اللازمة لإكمال المشاريع المتلكئة للبنى التحتية للمحافظات وحسب نسب الإنجاز من الأعلى الى الأدنى, وجاء في (المادة (2)/أولاً/8) بأن تؤَسَس صناديق في جميع المحافظات المنتجة للنفط أو الغاز يسمى (صندوق البترودولار) يدار من قبل المحافظ ويتم تمويله من الزيادة الحاصلة في سعر بيع النفط, ونلحظ من ذلك أن حجم النفقات على الرغم من كثرتها ألاَّ أنها لا تقل كثيراً عما كانت عليه في موازنة 2019م فعلى الرغم من تعطل اقرار الموازنة لسنة 2020م أَلاَّ أَن الإنفاق قَلَّ عن موازنة 2019م في حدود (4) ترليون دينار إذ سعت اللجنة المالية النيابية الى ضغط الإنفاق بنسبة كبيرة بعدما أُرسل إليها من قبل الحكومة الإتحادية في حدود مبلغ لا يقل عن (164) ترليون دينار.
وقد بلغ اجمالي العجز في الموازنة العامة الاتحادية (28,672,867,307) الف دينار (المادة(2)/ثانياً/1) أَيَّ بنسبة (22,05%), وتضمن هذا المبلغ تمويل الفجوة المالية للعجز من خصم حوالات الخزينة لدى البنك المركزي العراقي, والرصيد المدور في حساب وزارة المالية, وقروض المصارف الحكومية, وسندات وطنية, فضلاً عن الاقتراض من الوكالات والمؤسسات المالية الدولية, وقروض بضمانة مؤسسات ضمان الصادرات الدولية لشراء الأسلحة والأعتدة, واصدار سندات وحوالات خزينة للمصارف الحكومية تخصم لدى البنك المركزي العراقي, وتكون القروض والسندات كافة معفاة من الضرائب والرسوم الكمركية (المادة(2)/ثانياً/2/أ).
ومما يعاب على الموازنة حجم القروض الكبيرة التي تضمنتها فقد تكلمت عن القروض في حوالي (6) صفحات لتمويل مشاريع وزارات الاعمار والاسكان والبلديات العامة, ووزارة الكهرباء, ووزارة الموارد المائية, ووزارة النفط, ووزارة الصناعة والمعادن, والصحة والبيئة, والنقل, ومشاريع كهرباء وماء ومجاري إقليم كردستان, ولتمويل مشاريع إعادة إعمار المناطق المحررة, ومشاريع (ديالى, نينوى, الانبار, صلاح الدين), ولتمويل احتياجات وزارة الدفاع, ولتغطية مستلزمات الجهات والوزارات الإمنية (وزارة الدفاع, وزارة الداخلية, جهاز المخابرات الوطني العراقي, جهاز الأمن الوطني, جهاز مكافحة الإرهاب, هيئة الحشد الشعبي) إذ سيتم التمويل بضمانة مؤسسة ضمان الصادرات الدولية بمبلغ مقداره (500) مليون دولار لتغطية مستلزمات هذه الجهات.
وقد اعطت المادة (3) “للوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظ صلاحية الصرف مباشرة في ضوء الاعتمادات المرصودة ضمن موازنته السنوية وللأغراض التي لها بموجب خطة الانفاق التي يصادق عليها وزير المالية الاتحادي ولا يجوز الدخول في الالتزام بالصرف بما يزيد عما هو مخصص في الموازنة”, كما بينت (المادة (4)/أولاً) بأن لوزير المالية امكانية إجراء المناقلات على مستوى الابواب, وتطرقت (المادة (3)/ثانياً) بأن يخول الوزراء ورؤساء الجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظون ورئيس مجلس وزراء الاقليم صلاحية اجراء المناقلات بين اعتمادات وحدات الانفاق من موازناتهم السنوية بما لا يزيد عن 10%, كما انه بحسب نص (المادة (3)/ ثالثاً) يحق لهم إجراء التعديلات اللازمة في موازنات الإدارات بما يحسن الكفاءة والانتاجية, ونعتقد بأن إطلاق يد المحافظين يعد أمراً جيداً في تحسين الأداء مع ضمان رقابة هيئة النزاهة لتحقيق الشفافية في العمل كون المحافظين هم الأعلم بما يدور في نطاق محافظاتهم المسؤولين عنها كما أنهم الأعلم بأحتياجات المواطنين المنتمين لتلك المحافظة.
وفيما يتعلق بحصة إقليم كردستان فإنه على الرغم من الجدل الواسع في شأن ما يتعلق بالمواد المتعلقة بحصة الإقليم الا أنه تم تسويتها بعد مفاوضات عسيرة إذ نصت (المادة (11)/ثانياً/أ) على إلزام الإقليم بأن يدفع إلى الحكومة الاتحادية ما لا يقل عن (250) الف برميل من النفط يومياً, وبينت (المادة (11)/أولاً) بأن ذلك سيتم مقابل تسوية المستحقات المتعلقة بين الحكومة الإتحادية والإقليم من 2004-2020 بعد تدقيقها من قبل ديوان الرقابة المالية, ودفع رواتب موظفي الإقليم.
ويُشكَل على موازنة 2021م عدم عدالتها في توزيع الثروات بين المحافظات فقد بلغت حصة إقليم كردستان (11,432,384,940) الف دينار عراقي أَيّ بنسبة (8,79%) من مجموع نفقات الموازنة وهو ما يفوق نفقات محافظات العراق مجتمعة, في حين بلغت حصة محافظة البصرة (2,075,285,238) الف دينار أَيّ بنسبة (1,59%) على الرغم من كون البصرة أكبر منتج للنفط في العراق, وبلغت حصة محافظة نينوى (687,293,594) الف دينار عراقي أي بنسبة (0,52%) على الرغم من كون نينوى ثاني اكبر المحافظات العراقية التي تعرضت الى هجوم ارهابي شرس سنة 2014 مما ادى الى تدمير بناها التحتية بنسبة كبيرة لكن نجد المخصصات لهذه المحافظة ضعيفة جداً ولا ترتقي لمستوى احتياج المحافظة, وقد بلغت مخصصات محافظة النجف الأشرف (939,096,000) الف دينار عراقي أَيّ بنسبة (0,72) وتحتاج محافظة النجف الأشرف للمزيد من المخصصات كونها محافظة دينية وسياحية مما يجعلها بحاجة للمزيد من الرعاية والاهتمام, والجدير بالذكر أن محافظ النجف الأشرف كان قد عمل على زيادة مخصصات المحافظة بعدما كان المبلغ المخصص لها حوالي (74) مليار دينار في مشروع الموازنة المُعَد من قبل الحكومة من خلال حضوره جلسات مجلس الوزراء مع المحافظين.
وفي المقابل حُذِفَت العديد من المواد من قبل اللجنة المالية النيابية وبعضها أُسقِطَت في جلسة التصويت وسنتطرق هنا لأهم المواد التي تم حذفها من مشروع قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2021م:
1- حذف المادة (20) بفقراتها كافة من نص الموازنة المرسل من رئاسة مجلس الوزراء الى اللجنة المالية النيابية, والتي تتضمن استقطاع ضرائب من رواتب الوزارات والبرلمانيين والدرجات الخاصة وبنسبة 40% لرؤساء الرئاسات الثلاثة ومجلس القضاء العراقي, ونسبة 30% للوزراء والنواب ومن بدرجاتهم. ونعتقد بأنه كأن من الأجدر على اللجنة المالية النيابية حذف الفقرات المخصصة بفرض الضرائب على رواتب الموظفين في هذه المادة دون حذف المادة بأكملها إذ أن فرض هذه الضريبة على رواتب الرئاسات الثلاث ومجلس القضاء العراقي يوفر الكثير لخزينة الدولة لاسيما وان حجم المبالغ المصروفة لهم مبالغ كبيرة ولا مبرر لها.
2- اسقاط المادة (38) عند التصويت على مشروع قانون الموازنة والتي تتضمن الزام الوزارات والدوائر الحكومية بالعمل على فتح باب الاستثمار للقطاع الخاص وتحويل نسب من عائدات الاستثمارات الى الخزينة العامة للدولة, فضلاً عن اسقاط المواد (42) و (43) المتمثلة بالسماح للحكومة ببيع عقارات سكنية واطلاق استثمارات سياحية, علاوة على المادة (47) القاضية بتقييم أصول وممتلكات المؤسسات الرسمية وذلك تمهيداً لبيعها أو تأجيرها, ونرى بأن من الجيد حذف هذه المواد ولاسيما وإنها تعرض أملاك الدولة وعقاراتها للبيع في ظل الفساد المستشري في مفاصل الدولة.
عذراً التعليقات مغلقة