الشيخ علي الشرقي
هو الشيخ علي بن جعفر بن محمد حسن بن أحمد بن موسى الخاقاني المعروف بالشرقي.
من أدباء وشعراء العراق
ولد في مدينة النجف الاشرف عام ١٣٠٩ هـ الموافق ١٨٩٠ م
وهي السنة التي توفي فيها والده فنشأ في بيت خاله الشيخ عبد الحسين الجواهري ( والد شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري) الذي كان بمثابة ديوان أدب يحضره أرباب الشعر والأدب النجفي من أمثال الشيخ جواد الشبيبي والسيد باقر الهندي والشيخ عبد الكريم الجزائري والسيد جعفر الحلي مما ساعد على صقل موهبته الأدبية المتكاملة في هذا الجانب حتى انشد أولى قصائده وهو لم يبلغ العقد الثاني من عمره في رثاء الشيخ محمد كاظم الخرساني والتي مطلعها :
سل الجيش جيش الدين أين اميره
إذا نعشه ما بينهم أم سريره ؟
وبهذه القصيدة بزغ نجمه في سماء الأدب كشاعر له مستقبل واعد في هذا المجال كما كان لمدرسة السيد هبة الدين الشهرستاني ومجلة العلم التي أصدرها في أوائل القرن الماضي الأثر الكبير في صقل أفكاره إضافة إلى ملازمته للشيخ جواد الشبيبي ووليده الشيخ محمد رضا والشيخ محمد باقر التي أعطت هي الأخرى الأثر الكامل في التعرف على الكثير من الأثار والأشخاص
تحكي سيرة الشرقي ملازمته للفقيه السيد محمد سعيد الحبوبي في رحلته الجهادية فكان مرساله إلى العديد من العشائر العراقية إضافة إلى ذلك فإنه بعد تأسيس الدولة العراقية عيّن عضواً في مجلس التمييز الجعفري في 7 تموز 1927 ثم مارس القضاء الشرعي في البصرة عام 1933 . ثم اختير عضواً في مجلس التمييز الشرعي الجعفري ورئيساً لهذا المجلس من عام 1934-1947 .وبعدها عين عضواً في مجلس الأعيان.
كما اختير نائباً أول لرئيس مجلس الأعيان في 5 آذار 1949 وجدد انتخابه في كانون الأول 1949 حتى عيّن وزيراً بلا وزارة في 10 كانون الأول 1949 حتى 5 شباط 1950. وأعيد تعيينه وزيراً بلا وزارة في 7 أيار 1953 إلى 17 أيلول 1953 ثم في 3 آب 1954. واحتفظ بمنصبه في الوزارات المتعاقبة المؤلفة في 17 كانون الأول 1955 و 20 حزيران 1957 و 15 كانون الأول 1957 إلى 3 آذار 1958. ثم من 19 أيار 1958 إلى 14 تموز 1958. وقد استمّر عضواً بمجلس الأعيان إلى 5=6 تموز 1955 وجدّد تسميته عيناً في شهر تشرين الثاني من نفس السنة إلى ثورة تموز 1958. واعتقل عند قيام الثورة، ثم أفرج عنه بعد مدة قصيرة.
أما سيرته الأدبية فقد مرت بـ ثلاثة أدوار كما يشير الباحث الأستاذ علي الخاقاني
الأول : هو عهد الصبا إذ كان يتحسس فيها الغرام في جوانب نفسه وله في ذلك قصائد وجدانية تفيض رقة ولطفا
وإليك جوانب من ذلك
وأشفقت يلذع خدَّ الحبيب
فؤَادٌ على وجنتيه التهبْ
وما التهبت قطعات القلوب
إلا لتسبك هذا الذهب
دنت لا دنت منك كفُّ المشوق
إذا كان صدغك منها اضطرب
على الرِّفق أيتها الماشطات
فما بين طياته قلب صب
فؤادي وماذا يكون الفؤاد
فلو كان من صخرةٍ لانشعب
الثاني : وهذا الدور قد بدأ منذ تشكيل الحكم الوطني في العراق إذ كان له الكثير من الخواطر السياسية والاجتماعية
ومنها:
في ذمة التاريخ اوطارنا
قد انقضى العرس وشهر العسل
لو جُمعت لم تك اقطارنا
دويلة فكيف صارت دول
غدا اذا هددنا جارنا
كيف نلاقيه بهذا الفلل
يكفي بأن اصبح مزمارنا
يصدح ان العربي استقـــــل
ومنها أيضاً كما في قصيدته ( منجل الفلاح)
أرهقت شدة المظالم جيلي
فأذا هم جيل من الأشباح
مالهذا الفلاح في الأرض روح
أهو من معشر من الأرواح ؟
هو في جنة ينال عذابا
وهو تحت الأشجار أجرد ضاح!
وقرى النمل لهف نفسي أثرى
من قراه ألا من الأتراح
ألى أن يقول :
رب قصر من فوق دجلة
كالطاووس للزهو ناشرا لجناح
أتراه مدته دجلة أنفا ؟
حين فاحت روائح القداح
نصبوه كمنبر من زهور
والمراقي كسوسن وأقاح
لو كشفنا أطباقه من أساس
لوجدناه منجل الفلاح !
أرهقته ضرائب باهضات
وديون ثقيلة الأرباح
لم يفده سلاحه فهو ليث
قتلوه صبرا بغير سلاح !
لو كشفنا عن قلب ذاك المعنى
لوجدناه مثخنا بالجراح !
الدور الثالث: وفي هذا الدور نظم الكثير من رباعيته وكانت موضوعاتها تتطرق إلى نواحي سامية من الخيال وتصوير الفرد والمجتمع , والسائس والمسوس في المجتمع في ذلك أمثلة أيضاً
أتدري مايقول الناي والعود الذي غنى
إنا أعزف باللفظ لمن في صدره المعنى
غزانا الدهر فاللحمة منه والندى منا
ورأس الخيط في كف الذي ضيعه عنا
مؤلفاته:
للشرقي العديد من المؤلفات وهي :
١ . الأحلام
٢ . العرب والعراق
٣ . الألواح التاريخية
٤ . النوادي العراقية
٥ . بيت الأمة وطبقاتها
٦ . عواطف وعواصف – شعر
كما له العديد من المقالات والبحوث المنشورة في الصحف والمجلات العراقية والعربية.
وفاته
توفي الشرقي في بغداد يوم 11 أغسطس 1964 ودفن في مقبرة أسرته بالنجف
قصيدة وادي السلام حول مدينة النجف
وقد نظمت عام 1925 م ونشرت في ديوان عواطف وعواصف
سل الحَجر الصوّان والأثر العادي
خليلي كم جيل قد احتضن الوادي
فيا صيحة الأجيال فيه إذا دعت
ملايين آباءٍ ملايين أولاد
ثلاثون جيلاً قد ثوت في قرارةٍ
تزاحم في عرب وفرس وأكراد
ففي الخمسة الأشبار دُكت مدائن
وقد طويت في حفرة ألف بغداد
عبرت على الوادي وسفّت عجاجةُ
فكم من بلاد في الغبار و كم نادي
وأبقيت لم انفض عن الرأس تربه
لأرفع تكريماً على الرأس أجدادي
خليلي هجسا واختلاسا بخطوكم
فلـم تطــأوا إلا مـراقــد رقـّــاد
وما الربوات البيض في أيمن الحمى
وقـد خـشعـت إلا نضـائـد أكـــبـاد
وهـل رادعُ للنـاسِ عـن كسـر قـلـةٍ
إذا عــرفوها من ضلـوع وأعضاد
لقـد هَبطــت روادنــا خيــرَ مـنزل
سمـاءً لأرواح وأرضــاً لأجســاد
وجئنا لقـوم يـضـربون قبابَهم
على رائح عن حيهم وعلى الغادي
قبابُ عليها استهــزأ الدهرُ ما بـها
سوى الحجر المدفون والحجر البادي
ألا أيها الراكب المجعجع في الحمى
إلى أين مسرى ظعنكم ومن الحادي
أعــقبـاك يا دنيــا قميـصٌ وطـمرةُ
بحـفـرة أرض مـن خرابــات زهّاد
فذو الزهو خلّى الزهوَ عنه وقد ثوى
وظلت على الغبـــرا سيــادة أسيـاد
وكم من هـموم فـي التـراب وهمةٍ
وكــم طويت فيــه شمائل أمجــاد
صوت كَومة للترب من حول كَومةٍ
مُعلّـمةٍ هـذا الزعــيـم وذا الهـادي
طلبتُ ابــنَ عبـّـادٍ فألفيتُ صخـرةً
وقد رقشت هذا ضريحُ ابن عبـّاد
غداً تنبت الأجساد عشباً على الثرى
فهـل تــطلــع الأرواح مـطلـعَ أوراد
وهل لَعبت في الراقديــن حلومهم
بــأطياف أفراحٍ وأطيـاف أنـــكاد
وما هذه الأجسـاد من بعــد نزعها
سوى قفص خال وقد أفلت الشادي
مضت نشأة الأرحام في ظُلماتها
واضوأ منها نشأتي بعد ميلادي
ولي نشأة أجلى وأعلا فإنني
بتهيئةٍ في النشأتين وإعداد
طباع الفتى فردوسه أو جحيمه
وفي طي أخلاقي نشوري وميعادي
مصادر الإعداد:
شعراء الغري للاستاذ علي الخاقاني
ديوان عواطف وعواصف للشاعر علي الشرقي
عذراً التعليقات مغلقة