زيارة الاربعين .. اشتقاق الانسانية من الدين

رئيس التحرير26 أكتوبر 2017آخر تحديث :

كتب/ عصام الفتلاوي/ النجف اليوم/

العشرون من شهر صفر تهب على العراق في كل عام عاصفة بشرية واتجاهها حيّر علماء الطقس كونها تهب من مختلف الاتجاهات في وقت محدد إلى نقطة واحدة هي كربلاء لإحياء ذكرى استشهاد ابن بنت رسول الله الإمام الحسين عليه السلام .

( كربلاء ) هذا الاسم اقترن بمصيبة الإمام الحسين عليه السلام الذي خرج على قوى الكفر من اجل نصرة الدين الذي بدا بالانحراف جراء السياسية الأموية الشعواء آنذاك ، لتجسد هذه المدينة محتوى المبادئ والقيم الإنسانية التي توارثتها الأجيال وخلقت مفهوما أكثر توسع اشتق من مفهوم الدين الإسلامي الذي جسده الإمام المذبوح بثورته العظيمة عرف هذا المفهوم بالإنسانية.

نسمع ونقرأ عن حالات وإحداث اجتماعية حدثت في وقتنا هذا كأن أبا يثكل بفقدان ولده الوحيد في حادث سيارة أو أم تفقد أبنائها في معارك الدفاع عن الوطن وكثير من هذه الحالات والقصص عندما نتناولها نصفها بالحالات الإنسانية . ومن هذا المنطلق فان الإمام الحسين ع خلق تقارب بناءً مابين الدين والإنسانية في قصة إنسان نتجت عنها فقد أهله وعياله وأصحابه حدثت من اجل رفعت الدين وتصحيح مساره من الانحراف الذي خطط له بنو أمية.

ورثنا احياء الاربعين مايقارب 1400 عام لهذا عند المسير نحو كعبة الأحرار خلال الزحف المليوني نشاهد صور مختلفة عنوانها ديني انساني بامتياز لأننا نحي مناسبة مضمونها أنسانية الانسان .

ففيها مظاهر الكرم والتضحية بالمال من اجل هدف نبيل كالقضية الحسينية فهي دليل على إنسانية صاحب المبادرة بالكرم والتضحية. فالصور الإنسانية على طريق يا حسين لا يمكن إن يصفها فم أو يحتويها قلم فإيثار الطفل عندما تره يقدم الخدمة للزوار في مشهد قد يكون اكبر من عمره أو شاب وقف جزءً من مستقبله وطموحاته وغرائزه وسخرها للخدمة الحسينية أو امرأة تترك منزلها لأيام من اجل ان تلبي حاجة قاصد الحسين ع من مسافة بعيدة أو  عجوز تخط أطرافه الأرض بصعوبة وانحناءات جسده تحمل معاني تعب سنوات الكدح من اجل العيش لنيل بركات الإمام الحسين والتقرب إلى الله .موائد الطعام وتنوعها وحجم انتشارها على طول الطريق يرسم في ذهن الإنسان حجم الأموال المنفقة التي قد تتفوق على ميزانية كثير من الدول وعندما تبحث عن مصادرها فتجدها قد خرجت من جيوب الناس البسطاء ادخروا جزء من قوت عملهم إلى يوم الأربعين لإقامة موكب يخدم به زوار الإمام الحسين أو شخص تفضل عليهم الباري الجليل برزق كثير فخصص جزء من ربح هذه الأموال ليسهم في تمويل هذه المواكب فكان جمعها عشوائيا دون تخطيط مسبق لكنها ذهبت في محلها المناسب للصرف وخلق مشهدا ابهر العالم بمعانيه المختلفة في حين عجزت الحكومات المتعاقبة في العراق في إعداد موازنة الدولة رغم إمكانيتها العلمية والأكاديمية والاقتصادية التي فشلت في السيطرة على نوافذ إنفاقها التي تذهب إلى غير محلها عن طريق مشاريع الفساد وجيوب اللصوص داخل الدولة أما ميزانية الإمام الحسين عليه السلام عامرة بنفوس منفقيها وزاهية بيد خادميها تصنع الإيمان والعشق الحسيني الذي يسلك طريق الحق والإنسانية الذي ينتهي بتحقيق أخلاقيات الدين الإسلامي ومرضاة الله سبحنه وتعالى

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :عدم الإساءة للكاتب او للأشخاص لو للمقدسات او مهاجمة الأديان او الذات الإلهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم

الاخبار العاجلة